الماجري يسير أول ركب بري لحجاج المغرب

يوثق كتاب ركب الحاج المغربي للمؤرخ محمد المنوني، نشأة وتقاليد مسيرة الحجاج من المغرب إلى مكة المكرمة بشكل سنوي، وقد صدر 1373- 1953 في مدينة تطوان المغربية، عن مطبعة المخزن.

ونلاحظ أن المؤلفات المكية التي كانت تتناول وصول الحجاج من أنحاء العالم الإسلامي، ودخول المحامل والقوافل، لم تشر إلى انفراد الحجاج المغاربة بقافلة عرفت بهم، كما كان يحصل بالنسبة للحج الشامي أو المصري، أو العراقي أو اليمني.

ويبدو أن ذلك كان نتيجة انضمام قافلة الحج المغربي، للمصري والأفريقي في مصر، وبالتالي سيرها في ركابه، ويؤيد ذلك ما ذكرته الدكتورة عزة شاهين في كتابها خدمات الحج في الحجاز خلال العصر العثماني "أن قافلة الحج المصري، كانت تضم حجاج مصر، وشمال أفريقيا والسودان، الذين كانوا يجتمعون في القاهرة".

ويشير المنوني إلى أن أول ركب بري خرج من تلك الجهات، هو للشيخ أبي محمد صالح الماجري المتوفى في 631، لذا عرف بالركب الصالحي، نسبة إليه، ينطلق من مدينة آسفي المغربية متوجها إلى الحجاز.

وكان الشيخ صالح يعتني به، وينفق عليه أمواله، حتى أنه أنشأ المحطات والأربطة في طريقه حتى يصل لمكة، ويترك أولاده للعناية بهذه المحطات والأربطة الواقعة في المشرق العربي لخدمة المارين عليها من أهل المغرب العربي، وقد حافظ أولاده وأحفاده من بعدهم على تقديم خدماتهم للحجاج من خلال المحطات التي ظلت موجودة لعدة قرون، ونتيجة لنجاح مشروع الشيخ صالح الماجري، خرجت عدة ركاب أخرى من المدن المغربية، من أشهرها: السلجماسي، والفاسي، والشنقيطي، والبحري، والمراكشي.

يقدم المؤرخ المغربي محمد المنوني من خلال كتابه «ركب الحاج المغربي» نشأة وتقاليد الركب، والذي كان ينطلق إلى مكة المكرمة بشكل سنوي، يرافقه حجاج تلك الجهات.

وأشار فيه إلى أن الركب الفاسي يعد من أشهر الركاب المنطلقة من المغرب، والذي يمكن اعتباره الرسمي لحكام تلك المنطقة لفترة طويلة.

وقد بدأ تسييره في عهد الدولة المرينية، منذ 708، بشكل سنوي في27 من جمادى الآخرة، بداية من باب الفتوح في مدينة فاس، يصاحبه احتفال كبير، يخرج فيه جميع أهل فاس صغيرهم وكبيرهم، وأحيانا يحضر هذا الاحتفال السلطان وحاشيته، وبلغ من عناية بعض السلاطين بهذا الركب أنه حفر في محطات مروره الآبار، ليتزود منها الحجاج بالماء في ذهابهم وإيابهم، وكان لإبله أرض موقوفة بضاحية فاس ترعى فيها طوال السنة.

وكان يصاحبه في خروجه هيئة تتألف من أمير الركب، وشيخه، وقاض، وقائد عسكري تصاحبه حامية يصل عددها أحيانا إلى خمسمئة عسكري، ويكون له علم خاص به، إضافة إلى طبل كبير من النحاس، يضرب عليه عند الحاجة، كالاستعداد للسير أو التوقف.

وكان الركب يحمل الصرة الفاسية، والتي تضم هدايا الفاسيين وسلاطينهم إلى الحرمين الشريفين، والعاملين فيهما من الأغوات، والعلماء والمقرئين وغيرهم، إلى جانب بعض الكتب والمصاحف.

وعند عودتهم إلى فاس يحمل البشير الراية مبشرا بقدوم الحجاج، قبل وصول الركب إليها، فيخرج الأهالي لاستقبال الحجاج القادمين، ويحتفلون بقدومهم.
وكان القادمون من الأراضي المقدسة يحملون طرائفهم لذوي قراباتهم، ويرسل بعض أمراء مكة أحيانا بعض القطع من كسوة الكعبة لسلاطين المغرب، وهي من أفخم الهدايا التي تحمل من مكة المكرمة.

 

المصدر : صحيفة مكة 1436/7/9هـ - حسام مكاوي