قصور الطائف.. سكن الملوك وشواهد العمارة والتاريخ

تحظى الطائف بإرث تاريخي يتمثل في عدد من القصور الأثرية بقيت أطلال بعضها شاهدًا على حضارة وتاريخ القدماء، والبعض منها يحتاج فقط للترميم والعناية ليصبح مزارا ثقافيا وتاريخيا لأهالي المنطقة وزوارها.


وأشار المؤرخ عيسى القصير المهتم بتاريخ وآثار الطائف إلى ضرورة الاهتمام بتلك القصور الموجودة بالسلامة وقروى وحي جبرا.
في حي السلامة يقع قصر بيت الكاتب والذي ينهض بقامته وفنه المعماري الروماني والعثماني، حيث يتكون من ثلاثة أدوار، بنيت بزخرفة وأعمدة دائرية من الحجر والنورة وشبه حلزونية.


وقال القصير: شيد هذا القصر محمد علي كاتب، وهو كاتب الشريف عون الرفيق وقت سكنه بالمنطقة عام 1318هـ، وقد حظي بالترميم ليسكنه نائب الملك بالحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيصل -رحمه الله-)، ثم سكنه من بعده أبناؤه وهم عبدالله ومحمد وسعود وتركي وخالد الفيصل، ثم سكنته ابنته سارة، ثم سكنه بعض الأمراء منهم الأمير بندر بن محمد بن عبدالعزيز، ثم الأمير عبدالله الفيصل، ثم الأميرة شيخة بنت عبدالعزيز ثم هجر عام 1388هـ.


بيت الكعكي
ويحتضن حي السلامة أيضا قصرا تراثيا آخر وهو (بيت الكعكي)، الذي بني على الشكل الهندسي المعماري الروماني والعثماني أيضا، ويتكون من ثلاثة أدوار، وقد ازدان بأعمدة من الحجر والنورة وبزخارف وأشكال جميلة، كما يوجد (قصر الصيرفي)، حيث قال المؤرخ عيسى القصير: إنه يتكون من دورين، وبناؤه على الطريقة الحجازية العثمانية، وبه نقوش وزخارف ذات ألوان جميلة، وسكنه آل الصيرفي ثم بعض الأسر التي تصطاف خلال فترة الصيف.


أما قصور حي قروى فيقول القصير: إنها تعود لعائلات الدهلوي والبوقري، وأشار إلى قصر الدهلوي، وقال: إنه يتكون من ثلاثة أدوار، وطريقة بنائه على الطريقة الحجازية الطائفية، وسكنه الأمير عبدالله الفيصل، وكذلك بعض أفراد الأسرة المالكة خلال أشهر الصيف.


وفي شارع الجيش امتداد مع حي قروى يقع قصر (البوقري) الذي قال عنه القصير: إنه يتكون من دورين من الزخارف والنقوش الإسلامية وسكنته أسرة آل البوقري، كما سكنه بعض المواطنين خلال فترة الصيف، وعن طريقة بنائه قال: بني بالطراز المعماري المحلى بأعمدة من الحجر والأقواس المنقوشة، ويوجد به عدد من الغرف والمجالس، ذات مساحات مختلفة مع المرافق العامة من حمامات ومطابخ وجلسات بين الغرف تزينها النقوش المختلفة والعقود، وأسقفها الخشبية من الزان والمقنو والعرعر والرواشين والشبابيك بها نقوش محفورة بأشكال بديعة.


أفخم القصور
ويعتبر قصر آل البوقري من أفخم قصور الطائف حسب رأي القصير، حيث يقول: إنه يصلح كفندق من الطراز الحجازي، إذ استخدمت فيه مواد البناء القديم مع تحديث البستان والبركة الأثرية كمنتجع - نهاري - وليلي لتميز مكانه.


أما قصر شبرا فيقع في شارع شبرا وهو معلم حضاري تاريخي ثقافي ذو مكانة كبيرة من حيث من سكنه وما بني منه، ومن حيث تعدد أدواره، حيث يعد مرجعا ثقافيا تاريخيا. وبني قصر شبرا عام 1323هـ على أساس الفن المعماري الروماني، وسكنه الشريف علي بن عبدالله بن عون، ثم السلطان وحيد الدين محمد السادس من سلاطين الدولة العثمانية، ثم سكنه الملك عبدالعزيز وأبناؤه وعائلته وأنجاله، كما شهد القصر ملحمة تاريخية حينما استقبل الملك عبدالعزيز ابنه الأمير سعود بعد عودته من إحدى المعارك البرية، كما شهد القصر ولادة الأمير نواف بن عبدالعزيز والأمير طلال بن عبدالعزيز. كما اتخذه الملك فيصل -رحمه الله-، قصرا لرئاسة مجلس الوزراء أثناء فترة الصيف، واستقبل فيه رؤساء الدول. كما اتخذه الأمير مشعل بن عبدالعزيز مقرا لوزارة الدفاع ثم أصبح متحفا لوزارة الدفاع ثم أصبح متحفا عاما لمدينة الطائف.


سجل ثقافي واقتصادي
الدكتور عايض الزهراني استاذ النقد التاريخي في جامعة الطائف ورئيس مركز تاريخ الطائف يقول: تحتضن الطائف قصورا تراثية باذخة تحكي الفن المعماري الأصيل وتدل على إمكانات اقتصادية كبيرة كانت في تلك العصور التي بنيت فيها هذه القصور أيضا تحاكي أو تتشابه مع قصور الخلافة العباسية والأموية وأيضا مع قصور بغداد.


وأضاف الزهراني أن تلك القصور بحاجة إلى العناية والاهتمام بترميم ما تساقط منها وإعادة هيكلتها واستثمارها، وأضاف أن محافظ الطائف قام بترميم قصر مشرفة بالعرفا وقصر بن سليمان في جبرا، وهذا دلالة كبرى على أهمية هذه القصور، وهيئة السياحة والآثار قد تسلمت العناية بها وهذا دورها وإثباتا لحضورها في العناية بالقصور التاريخية التي تعد مرجعا تاريخيا ثقافيا.


عمارة وتراث
«المدينة» بدورها اتصلت بمدير عام الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف عبدالله بن عبيدالله السواط فقال: تعمل الهيئة حاليا على حصر ذلك التراث المعماري وتصنيفه بما يتماشى مع شكل هذه المباني، فمنه ما يستفاد منه مستقبلا بعد تهيئته وتطويره ليكون فندقا تراثيا او مطعما شعبيا او مكتبة او متحفا او مقر احتفالات او غير ذلك من الاستخدامات، بما يتلائم مع المبنى واستثماره سياحيا. وقد حظيت بعض القصور والبيوت الأثرية بمحافظة الطائف بعمل الترميمات المناسبة لها، وبعض هذه المباني والقصور التراثية يجري العمل الآن على ترميمه والاستفادة منه وذلك حسب التنسيق مع ملاك تلك المباني. واضاف: نجدها فرصة لدعوة جميع الملاك للقصور والمباني التراثية الى المبادرة بالتنسيق مع فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف للبدء في عمل الترتيبات اللازمة لاستثمارها بما يجعلها وجهة سياحية في عاصمة المصائف العربية وتعود بالنفع على الملاك.

المدينة | السبت 29/11/2014