حارة الشبيكة حروب تركت تاريخها على أسوار المكان
البوابة الغربية لمكة المكرمة، والمدخل الذي اختاره الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ليركز خالد بن الوليد - رضي الله عنه - رايته عند منتهى البيوت وأدناها، لتصبح بوابة مكة للقادمين من ناحية جدة والمدينة المنورة وما بينهما، ممرا للمواكب، يمر بها المحملان الشامي والمصري في معظم الأحيان، واحتضنت في تاريخها الأخير المدرسة الصولتية ومدرسة الفلاح.
حارة الشبيكة من حارات مكة القديمة، فقد ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان فيقول «هي موضع بين مكة والزاهر على طريق التنعيم» ورجح السباعي أنها سميت الشبيكة لكثرة ما حصل فيها من اشتباكات وحروب على مر التاريخ، وقيل إنها منسوبة لرجل يسمى شبيكة، وقيل غير ذلك.
ويشمل مسمى الشبيكة سابقا المناطق التي تمتد من الجهة الغربية من الحرم، بداية من الأربطة الواقعة في محاذاة الجدار الغربي للمسجد الحرام، كرباط الداودية والخلاوي التابعة له وغيره، مرورا بالسوق الصغير وصولا إلى الحارة المعروفة بحارة الباب، ومنها إلى ريع الرسام، وإن كان العرف في القرنين الهجريين الأخيرين يقتصر في تسمية الشبيكة على المنطقة المنتهية ببداية حارة الباب.
على مدى التاريخ
وتعد الشبيكة البوابة الغربية لمكة المكرمة ضمن المداخل الثلاثة الرئيسة وهي إضافة إلى الشبيكة؛ المعلاة والمسفلة، حيث لم يكن بالإمكان الدخول إلى مكة من غير هذه المداخل إلا عن طريق صعود الجبال.
ولأهمية هذا المدخل، بنى الملك المظفر صاحب أربل على مدخل الشبيكة بابا وسورا، وأصلح ثنيتها ومهدها عام 607هـ، وذلك في عهد الشريف قتادة بن إدريس، إلا أن هذا السور وبابه احترقا سنة 689هـ على يد أمير الحج الشامي، وجدد بعد ذلك عدة مرات آخرها في 908هـ، وفي أحضان هذا السور من جهته الجنوبية نشأت الحارة المكية التي عرفت بحارة الباب نسبة لوجود الباب بقربها.
وبعد الاستقرار النسبي الذي حصل في مكة المكرمة بزوال حكم المماليك عنها، وبداية الحكم العثماني لم تعد للباب تلك الأهمية فتهدم وأزيل، وامتد العمران إلى ما بعده، وقد أدرك المؤرخ النهروالي المتوفى في نهاية القرن العاشر أجزاء من هذا السور.
معالم وآثار
ومن أشهر معالم الشبيكة القديمة المقبرة التي سماها الفاكهي مقبرة الأحلاف، وقال عنها الفاسي «الظاهر أن مقبرة الأحلاف هي هذه المقبرة – أي مقبرة الشبيكة - لأنه لا يعرف بأسفل مكة مقبرة سواها» وهذه المقبرة ما زالت قائمة على يسار الصاعد من الحرم إلا أن الدفن توقف بها.
ومن ذلك أيضا مسجد المحجوب الذي ينسب للشيخ عبدالرحمن بن محمد الحسيني الإدريسي المكناسي، والذي ولد بمكناس من أرض المغرب عام 1023هـ، ورحل من أرض المغرب إلى بلاد الشام، والروم «تركيا» واجتمع بالسلطان العثماني مراد، ثم توجه إلى الحج وزيارة المدينة المنورة في 1043هـ، وسكن مكة المكرمة سنين عديدة، وتوفي بها الأربعاء 17 ذي القعدة 1058هـ.
ومن مساجدها الشهيرة مسجد السيد جعفر ميرك المتوفى في 1141هـ، وكان في زمانه من أعيان العلماء المجاورين، إضافة إلى الرباط المنسوب للشيخ علي الشحومي الجداوي المتوفى عام 1280هـ، والذي أنشأ رباطه هذا في 1279هـ للنساء والأرامل المنقطعات.
وقد ترجم له المؤرخ أحمد الحضراوي بقوله «تاجر عظيم كان يهدف بتجارته إلى خدمة الحرمين الشريفين، وجلب الأرزاق لهما، تعم صدقاته أهل الحرمين، كما قام بعدد من الأعمال الخيرية في مكة المكرمة، كبناء سور مقبرة الشبيكة، وبناء مغسل للأموات من الرجال والنساء، وجدد الدكاك والنعوش، وسور مقبرة جرول».
المصدر : صحيفة مكة 1436/2/21هـ | حسام مكاوي
0 تعليقات