أحمد علي الكاظمي يوثق مكة بيومياته ( 13 )

 

 

الثلاثاء 28 /5/ 1373هـ  - إبراهيم أفندي سلسلة

عرفته منذ زمن بعيد – أي في الوقت الذي كنت مديرا للمدرسة المحمدية بالمعابدة - فكنت إذا انتهيت من العمل طلعت إلى مركز اللا سلكي وكان قد أنشئ في تلك الأيام، وأول اجتماع لي به هناك.

وهو شيخ مهذب اشتغل في سلكه أي سلك البرق والبريد واللا سلكي منذ شبابه، وسافر في بعثة إلى لندن وكانت أول بعثة من نوعها لتعلم اللا سلكي، ومنذ عودته من هذه البعثة اشتغل في اللا سلكي متنقلا من عمل إلى آخر حتى صار معاونا للمدير العام الشيخ عبدالله كاظم، وكان قبله مديرا عاما للأعمال اللا سلكية ومن المعاونية انتقل أخيرا إلى مدير عام للبرق والبريد واللا سلكي بعد تقاعد المدير.

الأربعاء 29 /5/ 1373هـ - الشيخ صالح خزامى

عرفته وهو أستاذ بإحدى المدارس الأميرية الابتدائية ثم اختاره الشيخ عبدالله خياط ليكون معلما معنا في مدرسة الأمراء بالرياض، وبقي معنا سنوات ثم استقال من المدرسة، وعين معتمدا للمعارف في نجد ثم صار مفتشا ثم ترقى إلى درجة رئيس مكتب التفتيش.

وقد عاش والده أكثر من مئة سنة، وكان لآخر حياته يخدمه ولا يشمئز من خدمته بل يحرص عليها.

الجمعة 2 /6/ 1373هـ - الرخام في الحرم

بدأ العمال يتقدمون بعد أن انتهوا من رصف الحجارة الرخامية خلف المقام الحنفي وبدؤوا يتقدمون نحو الجنوب أي إن الحجارة السوداء التي تحيط بالمطاف سوف تبدل وتغير بالرخام الأبيض ليكون مثل المطاف، ولم يكملوا رصف القطعة التي بين المقام الحنفي والمالكي وسيكون هذا الحجر الأبيض سببا كبيرا في توسعة المسجد في موسم الحج، لأن الحجاج أو الأهالي لم يكن أحد منهم يقدر على الجلوس أو الوقوف على الحجارة السوداء المحاطة بالمطاف بل كانوا يهربون منها إما إلى الأروقة أو إلى المطاف، حيث كان الرصف بالمرمر الأبيض، جزى الله الأسباب ومن فكر وعمل بهذا الرأي، وهو إبدال الحجارة السود بالمرمر الأبيض، وعسى أن يوفقوا لرصف الحصاوى بالمرمر ليبدو الحرم في حلة جميلة.

الاثنين 5 /6/ 1373هـ - إبراهيم نوري

كان أستاذا لي ليوم أو يومين في المدرسة الابتدائية بالمسعى وكانت في تلك الأيام هي المدرسة الوحيدة الابتدائية، وعلومها كانت كعلوم المدارس الثانوية وقد عين فيها أستاذا للعلوم الاجتماعية، وبدأ يشرح لنا درسا في الجغرافيا، وهذا قبل خمس وعشرين سنة، بعدها انتقلت إلى المعهد وبقيت المعرفة من بعيد لبعيد، حتى دخل المعارف فازدادت المعرفة، والآن بعد انتقالنا إلى المعارف ازدادت الصلة.

الجمعة 9 /6/ 1373هـ - القائم بإدارة المدرسة الفاخرية

المدرسة الفاخرية من المدارس القديمة في البلاد أسسها الشيخ عبدالحق قاري لتعليم القرآن والتجويد والخط زمن الأتراك، وكانت في عصر من عصورها مدرسة راقية جمعت بين أساتذتها نخبة صالحة من المدرسين الأقوياء في معلوماتهم ومجموعة طيبة من الطلبة، وتخرج فيها عدد جيد ممن تعلموا فيها ولكنها في السنوات الأخيرة ومنذ ازدهار المدارس الحكومية وكثرتها وتأسيس المعهد بدأت تتقهقر وتتقلص لاعتمادها على الإعانات والمبرات، وقد تناقصت المبرات بنقصان الوازع الديني من الحجاج الذي كان يدفعهم إلى تقديم المبرات والإعانات.

السبت 10 /6/ 1373هـ - الشيخ عبدالمؤمن مجلد

شاب تقي زاملته في الدراسة بالمعهد ثم تخرجت معه وتعين مدرسا ثم انتقل إلى وظيفة كاتب في المعارف ثم إلى حاسب، وهكذا تدرج من وظيفة إلى أعلى في إدارة المعارف، يعطف على الفقراء بمساعدتهم ولولا وجوده في هذا المركز لذهب عدد كبير من المعلمين القدامى ضحية الطائشين من الجيل الجديد.

الأحد 11 /6 / 1373هـ - في مكتبة الحرم

زرت المكتبة مع الشيخ عبدالرحمن الصباغ وهو معاون لمدير المعهد الشيخ محمد حلمي والشيخ الصباغ يفكر في كتابة سلسلة مقالات أو تأليف عن التعليم في الحجاز، ولذلك يجمع المعلومات عن أهل الحجاز وعلمائهم وقد أرشدته إلى كتاب يوجد لدى أمين المكتبة الشيخ يحيى المعلمي وهو بخطه وللشيخ عبدالوهاب الدهلوي مؤلفه الشيخ عبدالله ميرداد أحد الأئمة في الحرم المكي في العهد السابق، وقد كتب تراجم لعلماء مكة من القرن العاشر إلى الرابع عشر وأول ما بدأ به كتابه عن آل الطبري، فقال إنهم أقدم الأسر المتعلمة في مكة والأسرة كان كل رجالها وأكثر نسائها من أهل العلم، وقد ترجم المؤلف لكثير من هؤلاء في هذا الكتاب على طريقة الأولين، يكيل لكل إنسان مدحا وثناء من غير حساب أو يكتفي بذكر وفاته أو مولده وذكر مشايخه، وقد وجد الشيخ عبدالرحمن الصباغ ترجمة والده بكر الصباغ وزاد في الكتاب نبذة عن والده وأولاده.

الخميس 5 /8 / 1373هـ - جسر المشعر

لقد اهتمت بلدية مكة في إنهاء مشروع مد الجسر فوق المسعى من باب النساء أو الصفاء إلى القشاشية لمرور السيارات والناس من فوقه وعدم وقوف الساعين عن أداء سعيهم، وحجزت الأراضي بحاجز خشبي ومنع مرور السيارات وحفرت الأرض لإقامة دعائم الجسر، ولما حفرت الحفر وجد تحتها مجرى بيرياخور لتصريف مياه المراحيض وعندئذ توقف العمل وأخذوا يفكرون في الموضوع والظاهر أنهم يعدلون عن الجسر ويبقى كل شيء في محله.

السبت 11 /10/ 1373هـ - التجديدات في مكة

فرش الحرم: لقد كان فناء الحرم إلى هذه السنة (مبلطا) بحجارة سوداء من زمن قديم أي المساحات المبلطة والمرصوفة، أما (الحصاوى) فهي مساحات مفروشة بدقائق الحجارة وفي العام الماضي غيرت حجارة «المشايات» أو «المماشي» من حجارة سود إلى حجارة مشتركة بين مرمر وآخر من نوع المرمر إلا أنه أسود وصار بذلك منظرها جميلا، ولو لاحظ القائمون بهذا الإصلاح أن يجعلوها بيضاء أي يرصفونها بحجارة بيضاء لاستفاد الناس من برودتها وقت اشتداد الشمس.

وفي هذه السنة أبدلت الأوقاف بقية الرصف خارج الأروقة كالذي حول المطاف والذي تتصل به المماشي، أبدلته بحجارة مختلفة الألوان من نوع المرمر فصار ملمس الحجارة ناعما، أما الحرارة فتحتفظ بها مثل الحجارة السوداء وبعد الانتهاء من رصف خارج الأروقة بدئ الآن من ناحية باب علي في رصف الأروقة بالحجارة نفسها، وتغيير الحجر الأسود القديم الخشن بهذا الحجر الناعم الملمس.

الأحد 12 /10/ 1373هـ - في المسعى

تم رصف المسعى من الصفا إلى المروة بحجارة صناعية (المزايكو) أو القيشاني من قبل البلدية ووضع للساعين حاجز في وسط الشارع حاجز حديدي جميل الشكل، وذلك لتنظيم السير في المسعى فالذاهب إلى المروة يسير يمنة والعائد منه كذلك يسير يمنة بذلك يأمن الساعون من خطر الاصطدام، والذي كان كثيرا ما يحصل بين من يسعون، وكان ذلك يسبب مشاكل بينهم وكان القوي هو المنتصر، وهذه الحسنة وتعد من حسنات جلالة الملك سعود فهو أول من أمر بوضع هذا الحاجز من العام الماضي.

الخميس 16 /2 /1374هـ

ظهر في محلة القرارة عدد من العمارات الجديدة على الطراز الحديث فانتقلت إليها الوزارات الموجودة في مكة أو مكاتبها: مكتب وزارة الصحة، ومكتب وزارة المعارف، ومكتب وزارة المواصلات، ومكتب وكالة الأمن العام ومكتب مؤسسة النقد.

وبذلك أصبحت محلة القرارة مقر الوزارات والمصالح الحكومية منذ سنتين.

الجمعة 17/ 2/ 1374هـ - الشيخ عبدالله خياط

طلب الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ من الشيخ عبدالله خياط أن يكون مساعدا له في الخطابة فوافق الشيخ عبدالله على أن يكون الأمر هذا غير رسمي ومن غير راتب لئلا يلتزم بها التزاما، واستحسن الشيخ عبدالعزيز أن يخبر جلالة الملك في ذلك لأن المسألة عرضت عليه من قبل جلالته عندما انتقلت وظيفته من مدير مدرسة الأمراء إلى الحجاز فلم يقبلها، وبناء عليه سأل الشيخ عبدالعزيز جلالة الملك فوافق وأبدى استحسانه وبناء عليه أخبروه وعهد إليه في الجمعة الماضية ليخطب، وكذلك عهد إليه اليوم فخطب وفقه الله وسدد خطاه ونفع الله به المسلمين.

السبت 25 /2/ 1374هـ - رصف المسعى

رصف المسعى في أول هذه السنة وبدئ فيه من العام الماضي رصفا فنيا بالمزايكو.

الثلاثاء 2 /2 / 1375هـ - توسعة الشوارع: حمام باب العمرة

حمام قديم سوف أبحث إن شاء الله عن تاريخه فيما بعد، أما الآن فأسجل تاريخ هدمه وإزالته فقد قررت بلدية مكة هدمه لأن الطريق عنده ضيق جدا إذا مرت سيارة تعذر سير الناس من هذا الشارع، وله أهمية كبرى – أي هذا الشارع - في أيام الحج وبدئ في هدمه أمس وقد أزيل جزء كبير منه في اليومين الماضيين.

ومحله عند ملتقى الطريقين طريق الذي يخرج من باب الباسطية ويسير ناحية الشبيكة والذي يخرج من باب العمرة ثم يتيامن، وعند اجتماع الطريقين محل هذا الحمام.

وأقول هذا للأجيال القادمة التي ستقرأ عن هذا الحمام ولا تجد له أثرا، فليعلموا أنه كان هناك حمام يعرف بحمام باب العمرة أمام «مقسم» عين زبيدة وقد أزيل في صفر سنة 1375هـ توسعة للشارع.

الأربعاء 3 /2/ 1375هـ

وهناك هدم آخر في حارة الشامية أمام دار عباس قطان، هذه الدار هي رباط ومن الأوقاف الخاصة تابعة لرجل مات منذ سنوات اسمه حسن سلطان وسيزول جزء كبير من هذا الرباط ويتسع الطريق.

الخميس 15 /4/ 1375هـ

خرجنا اليوم إلى عين عابدية بالقرب من عرفات ومكثنا هناك إلى ما بعد المغرب ثم عدنا، والعين تنبع على ما يظهر من جبال وتسير نحو مكة، ولها مجرى في الأرض، ويقال إن مصلحة عين زبيدة اشترت هذه العين من أهلها الأشراف، وهي عازمة على إيصالها بالمواسير إلى مكة توفيرا للماء.

المصدر : صحيفة مكة 1436/1/23هـ