أحمد علي الكاظمي يوثق مكة بيومياته ( 10 )

 

 

الثلاثاء 11/12/1370هـ

المتجدد والمستحدث في 1370هـ في الحرم المكي:

السبل:
أنشأت البلدية في الحرم (سبلا) في كل حصوة لزمزم، ويصل إليها زمزم بواسطة الطلمبات من سطح بئر زمزم، وقد تم بناؤها.


توسيع بعض الشوارع:
وسع شارع في حارة الباب عند قبور الشبيكة وتم هدم مركز الصفا الذي كان أمام باب النساء ووسع الطريق بعد هدمه، إلا أن أهل السيارات أخذوا محله في توقيف السيارات كما حدث في محل قصر باناجه الذي تم هدمه في العام الماضي.

وكان عزم البلدية على أنها ستهدم بيت الشيبي والدكاكين الملاصقة لبيت الشيبي وبيتا ثانيا للأغوات، ولكن الشيبي والأغوات راجعوا الملك وطلبوا محلات بدل بيوتهم.. ولذلك توقف الهدم، وربما تعيد البلدية الكرة في الهدم إذا نشطت.


عين جديدة:
يقال إن تصريف الأوساخ بواسطة المجاري الفنية والأنابيب يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، ومياه عين زبيدة لا تكفي لأعمال كهذه، وبناء عليه فكر سمو الأمير فيصل في جلب عين جديدة من ناحية الزيما، وقد احتفل بوصول أنابيبها إلى نقطة تبعد عن مكة 25 كلم.


عن طريق الطائف:
راجت إشاعة جديدة عن إصلاح طريق جديد للطائف، وأن سمو الأمير فيصل قد اهتم بالموضوع، وأن الإجراءات الأولى لمسح الأرض وجلب بعض الآلات ووضع علامات عند مبدأ الطريق من مكة ومن الطائف قد تمت، وأنه قد عهد إلى شركة أجنبية كشركة بكتل أو غيرها القيام بهذا المشروع.


عمل بعض التخطيطات في عرفات:
عملت خريطة لعرفات وبموجبها عمل بعض تخطيطات في هذه السنة من تقسيم الأرض إلى شوارع ووضع أرقام عليها.


إصلاح طريق جدة – مكة:
كان الطريق الممتد بين جدة ومكة قد أصيب من جراء السيول والأمطار بخراب في مراكز مختلفة.. وقد كثر الكلام حول ذلك الخراب، وأخيرا عهد إلى شركة بكتل الأجنبية القيام بإصلاحه، وقد بدأت الشركة فعلا في إصلاح الطريق من أوله إلى آخره مع توسيعه وعمل جسور في المواقع التي تقع في مجاري السيول بطرق فنية، والجسور عبارة عن أنابيب ضخمة مربعة الشكل يستطيع الإنسان أن يخرج منها جالسا أو منحنيا ثبتت بعضها بجانب بعض في شكل بديع وهندسة فنية.

 الخميس 17/1/1371هـ

المعابدة

خرجنا كعادتنا إلى المعابدة مع الشيخ عبدالرحمن مظهر في سيارته، وهذه عادة قديمة لنا، وكنا سابقا نبيت ليلة الجمعة في المعابدة في قهوة اسمها قهوة عثمان، وقد توفي منذ سنوات وبقينا محافظين على العادة.

ولكننا في السابق لا نجد في المقهى غير أهل المعابدة وبعض أفراد من غير المعابدة، وكانت حركة البدو والجمالة تبدأ من بعد الظهر وتستمر إلى ما بعد العشاء.

أما غير هذا فلم يكن يخرج أحد.. أما منذ سنوات ولا سيما منذ أن عدّل الطريق عن هذه الجهة إلى مسافة بعيدة، فقد انقطع أو ابتعد أهل الإبل والبدو عن هذه القهوة، وصاروا يمرون من بعيد.. وكان صاحب المقهى حسب قوله يفكر أن بقاءه في هذا المحل أصبح من العبث، وبغير فائدة ولكن الرزق بيد الله.. فسخر شركة السيارات لترتيب (خط البلدة) وغدت سيارة خط البلدة تصل إلى هذا المقهى، وتوافد الناس إليه بكثرة، ثم اعتاد الناس الخروج إلى هذه الناحية وخصوصا أهل الكرة وفرقها، وقد أنشؤوا ميادين وملاعب لهم يأتون إليها كل يوم.. وبذلك عوض الله صاحب المقهى خيرا وحمد الله على الخير الذي ساقه إليه بإرسال مئات الناس إليه، إنه الرزاق.

 الخميس 18/1/1371هـ

خطب اليوم الشيخ عبدالله الخليفي وكان موضوع خطبته حقوق الزوجين، وكان صوته وأداؤه جيدين.. وقراءته للقرآن في الصلاة كذلك كانت جيدة.

لقد عين الشيخ عبدالعزيز بن الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ خطيبا وإماما للحرم وكأنه لم يرغب في أول الأمر وأراد أن يستقيل أو قدم الاستقالة بالفعل ثم قبل بالوظيفة.

 السبت 19/1/1371هـ

البلدية:

مديرها الآن عبدالرؤوف صبان ومعاونه الأول رشدي العظمة، وهو شاب عامل وقد سبق أن صارت بيننا وبينه زمالة في التدريس.

وجميع شؤون البلدية وحركة عملها تدار من قبله وتحت توقيعه نيابة عن المدير.

 الثلاثاء 22/1/1371هـ

السيد حبيب العطار...

أعرف هذا الرجل منذ الصغر وكان عطارا يبيع الأدوية ثم أخذ يطبب الناس وكثير منهم استفاد منه ومن طبه ومن وصفاته، وكثير منهم اتخذه طبيبا خاصا له ولأسرته، وكان طبيبا على الطريقة العربية أو اليونانية حسب الاصطلاح الهندي، يصف الزهور لمختلف النباتات للمعالجة على الطريقة المعروفة عند حكماء الهنود.

وكان حسن الأخلاق ويحب الإطلاع على كل جديد، وكان ممن لهم ولع شديد بالوقوف على حالة العالم والاشتغال بالأخبار السياسية، وكان يهتم لقراءة الجرائد منذ زمن قديم، وكنت أعرفه وأنا صغير، كان يشتري جريدة القبلة أيام الشريف ويجلس في دكان يقرأ على نفر من أصحابه.. واستمر في طريقته هذه إلى زمن قريب، وكان دكان بقاعة الشفاء مركزا لجماعة من أصدقائه يجتمعون عنده إما لقراءة الجريدة أو للجلوس معه وشرب الشاي عنده.

وكان في أول نشأته وشبابه يتعصب كثيراً للمذهب الحنفي.. ولكن بعدما تقدم به العمر صار معتدلا في كل آرائه وقد مرض أياما، وكان يشتكي ألما في رئته، وكان يقول بنفسه إن رئته أصبحت ضعيفة جدا، وكان قبل سنوات لا يخرج من مكة صيفا ولا شتاء، أما منذ سنوات فقد ازداد ضعفه، ولم يتمكن من الصيام في مكة، فاضطر للطلوع إلى الطائف، وكان يقضي في الطائف أشهرا.

وقد مرض أخيرا أياما وكانت نهايته “الوفاة” يوم 18/1/1371هـ رحمه الله وغفر له وألهم الله أهله الصبر.

 الخميس 8/2/1371هـ

للاّعزيزة:

امرأة مغربية كانت تشتغل (داية) أو قابلة منذ أن قدمت من بلادها “المغرب” وقد توفي جميع أقاربها الذين قدموا معها، وبقيت وحدها تقوم بهذه المهنة، وقد جمعت من هذه الصنعة أموالا مكنتها من شراء عدة بيوت وبنائها وكانت تعيش عيشة الفقراء ولا تحب أن تصرف على نفسها من مالها، وكانت حسب قول بعض المطلعين تساعد الفقراء إذا طلبوها للولادة، أي أنها بدلا من أن تأخذ منهم كانت تقدم لهم بعض الدراهم قيمة الأدوية أو الطعام.. وكانت تخدم الفقير كما تخدم الغني لا تفرق بينهما أبدا في أداء وظيفتها ومهنتها، ولذلك كان الناس يحبونها ويحبون دعوتها عندما تكون لدى أهلهم ولادة.

وقد عرفناها منذ (15) سنة تقريبا وكانت معرفتنا بها أننا استأجرنا دارها الكائنة في الخندريسة في طريق جبل الحفائر، استأجرناها بأربعين ريالا، وقد بقينا فيها إلى يومنا هذا، وكانت راغبة بنا ونحن راغبون بدارها وقد بلغت أجرتها السنوية الآن (500) ريال، وكنا نتحمل جميع ما تحتاج الدار من إصلاحات في البناء والنجارة وكثيرا ما ضيعنا أكثر من مئة ومئتي ريال في الإصلاحات، وكل من يرانا نصلح الدار تلك الإصلاحات يظن أو يتأكد أن الدار ملكنا.

وفي هذا اليوم سمعت من إنسان أن للاّعزيزة توفيت قبل أمس..
وقد كانت أوقفت هذه الدار على الشيخ عمر حمدان المدني ثم على أولاده ومن بعدهم على عين زبيدة وهناك دار أخرى أوقفتها على أناس آخرين ودار ثالثة أوقفتها على أناس غير هؤلاء – رحمها الله – وغفر لها، وهي وإن كانت امرأة عادية ولكنها بالنسبة إلينا تعد امرأة تستحق الإعجاب، فقد قضينا في دارها كل هذه السنوات الطوال، وفي هذه السنة استأجرنا دارها لعامين مقبلين أي لسنة 1371هـ و1372هـ.

 الأربعاء 4/4/1371هـ

الأخ محمد الحسن الضبيب

صديق قديم عرفناه منذ دخول الحكومة السعودية، وهو من أهل المجمعة إلا أن أباه انتقل إلى الكويت لأنه يعد من أهلها، وعند دخول الحكومة السعودية واستقرار أمرها قدم والده بولديه محمد وصالح إلى مكة وأقام زمنا طويلا، ومنذ ذلك الحين عرفنا الأخ محمد وقد توظف الأخ في أول الأمر كاتبا في الهيئة، وكان الأخ الشيخ عبدالله خياط عضوا فيها، ومن هنا زادت صلتنا بالأخ محمد، ثم انتقل من الهيئة إلى مديرية الأوقاف وظل فيها سنوات.. ثم ضعف بصره فترك الوظيفة واختار الإقامة في المدينة مع أهله، وعين فيها عضوا في هيئة الأمر بالمعروف، وكان نشيطا في أداء مهمته ويخيف الرجال الأشرار.. وسافر إلى العراق لعلاج عينيه ولما طالت المدة فصل من وظيفته، وقد عاد من العراق فلم يأسف على ضياع الوظيفة وأخذ يتسبب في البيع والشراء ولو بصورة ضيقة.. وله ولدان أحدهما عبدالله وهو يتعلم الآن في مصر، والآخر أحمد ويتعلم في المدينة، وكان الأخ سافر إلى الكويت في أول هذه السنة للوقوف على حال بيت له هناك، وعاد منها ووصل إلينا هنا بالرياض اليوم في سيارة البريد، وسيزور وطنه المجمعة وبعض الأقارب ثم يعود إلى أهله بالمدينة.. رافقته السلامة، وهو من خير الرجال المثقفين علما ودينا وتجاربا وآراء.


السبت 3/7/1371هـ

خطبة الجمعة وصلاة الجمعة..

أذاعت أمس المحطة السعودية للإذاعة من مكة خطبة الجمعة وصلاتها للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن آل الشيخ وكان موضوعها زيارة القبور والطريقة المشروعة فيها.

الكهرباء في مكة..
جاءتنا كتب من مكة يذكر أصحابها أن القائمين بمشروع كهرباء مكة جادون في نصب الأعمدة ومد الأسلاك، ويؤمل أن يتم ذلك في هذه السنة أو في أول السنة المقبلة.. وهو مشروع جيد ويخفف على الناس في كثير من مشاكلهم، كمشكلة النور ومشكلة الحر، فهناك أيام تعرف بأيام العرق يقف فيها الهواء، فيتضايق الناس مضايقة أكثر من تضايقهم من الحر والعرق.. وهذا سيكون بحول الله دواؤه “المراوح الكهربائية” عند المتوسطين، وعند الأغنياء ستكون مكيفات الهواء علاجا لهذه الحالة.

وتنحل مشاكل كثيرة كمشكلة الغسيل والطبخ والتدفئة زمن الشتاء والتبريد وحفظ الأطعمة والفواكه.. ويرتاح الناس ولا سيما الذين لا يعرفون عن مكة بديلا ولا يطلعون إلى الطائف في الصيف إلا اضطرارا، يرتاح أمثال هؤلاء وسيقل أو يتناقص عدد رواد الطائف لا سيما إذا جاء الصيف وقت موسم الحج.

المصدر : صحيفة مكة 1436/1/1هـ