الخط العربي في الإسلام

ظهر الإسلام في الحجاز و بها عدد من الأشخاص يعرفون الكتابة إذ أن أهل الحجاز قوام حياتهم التجارة و لم يستغنوا عن الكتابة من تسيير أمور تجارتهم فضلاً  عن استخدامها في احتياجاتهم اليومية الدارجة من عهود و مواثيق .

وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدرك أهمية الكتابة و دورها العظيم في نشر دعوته , فأول ما فعله بعد هجرته إلى المدينة المنورة و بناء المسجد و خص فيه صفة التعليم , فعيّن أستاذة لتعليم الكتابة   ,وروى أنه كان _ عليه السلام _بطلق سراح أسرى بدر  القرشيين الذين كانوا يعرضون الكتابة إذا علم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة .

و انتشرت الكتابة و بلغ كتّاب الوحي ثلاث و أربعون. و كانت الحروف العربية تكتب بلا أعجام أي بدون نقط (فوقها أو تحت ) تحدد صوت الحرف و كانت بلا حركات التشكيل التي تحدد حركة الحرف من رفع و نصب و خلافه إلى أن وضع أبو الأسود الدؤلي أول نقاط على الحروف العربية للدلالة على حركة الحروف العربية وهي حروف الأعجام بترتيب الحروف الأبجدية للدلالة على حركة الحرف ثم جاء من بعده نصر بن عاصم و يحيى بن يعمر بوضع نقاط أخرى على الحروف العربية و هي حروف الأعجام بترتيب  الحروف الأبجدية وفق أشكالها و هو ما يعرف بالترتيب الألف بائي  .


و قد بدأت مرحلة الابتكار و الابداع الفني من الكوفة في زمن الخليفة علي بن أبي طالب كرمّ الله وجهه و بدايات الدولة الأموية و عرفت الصورة اليابسة للخط العربي بإسم الخط الكوفي , ثم ازدهر ازدهاراً شديداً منقطع النظير في نهاية العصر الأموي و بداية العصر العباسي بظهور الوزير الفنان محمد بن مقلة الذي وضع أول مقاييس فنية تضبط  أشكال الحروف  و نسب أطوال قاماتها و اتساعات كؤوسها إلى بعضها البعض بميزان رياضي هندسي  بين الخط و النقط و الدائرة , وتستخدم في أدائه فنيا العناصر نفسها التي تشاهد في الفنون التشكيلية  الأخرى كالخط والكتلة والفراغ و أطلق على الخط الذي طول ألفه ثمان نقاط بعرض القلم الذي كتب به خط الثلث و أطلق على الخط الذي طوله  ألفه أربع نقاط خط ( البديع ) الذي عرف فيما بعد بخط النسخ لكثرة إستخدامه في نسخ القران الكريم و المخطوطات لوضوحه وسهولة الكتابة به .


و بلغ ابن مقلة بهذين الخطين درجة التفوق و الاتقان , ثم أخذ أخذ الخطاطون الفرس خط النسخ و أتقنوه  ثم ظهر على أيديهم خط يحمل الكثير من جماليات خط النسخ العربي و خط التعليق الفارسي و أطلق عليه خط (النستعليق) الذي عرف فيما بعد بإسم الخط الفارسي ثم جاء الخطاطون الأتراك و أخذوا جميع  هذه الخطوط و أجادوها و أبدعوا فيها غاية الأبداع حتى تفوقوا على من سبقهم بل وأخترعوا لأنفسهم خطوطاً عربية هي الديواني و الجلي الديواني  و الرقعة و الطفراء .

وفي المقالات القادمة سنذكرهذه الأنواع و نخص الثلاثة أنواع موضوع البحث بشئ من التفصيل التاريخي و الجمالي .